دأ “محمد” عمله سمسارا في تجارة الأراضي منذ أكثر من 15 عاما، فكان يتعرف على الأراضي المعروضة للبيع ويصور خرائطها، ويجلب إليها الزبائن ويأخذ نسبة متفقا عليها من البائع أو المشتري.
قبل سنوات قليلة اتجه الشاب الأربعيني إلى قطاع العقارات المتنامي في فلسطين فبدأ يبيع الشقق أو يؤجرها مباشرة للزبائن أو عن طريق البنوك، فكان ذلك فرصة جيدة للربح وحل جزء من مشاكل السكن في محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية.
في هذه الأيام يواجه محمد مشكلة حقيقية في الشيكات المعادة من أسعار العقارات التي يقدرها بنحو 70%، فهو أعاد توجيه ما حصل عليه من شيكات مقابل بيع شقق سكنية إلى مشاريع أخرى قيد الإنشاء، وإعادة الشيكات تعني تعطيل المشاريع الوليدة.
الغنى الوهمي
يرجع رجل الأعمال الفلسطيني تعثر زبائنه إلى أسباب عدة، بينها عدم انتظام الرواتب وعدم قدرة الناس على التوفيق بين متطلبات الحياة المزايدة من جهة وسداد الديون من جهة أخرى، إضافة إلى ما سماه “الغنى الوهمي”.
والغنى الوهمي أو “التكييش” المنتشر بكثرة هذه الأيام -حسب محمد- هو شراء عقار أو أرض أو سيارة بثمن ما بالشيكات، وبيعها نقدا بسعر أقل بكثير دون أن يكون لصاحب الشيكات دخل ثابت، مما يجعل أصحابها في مشكلة كبيرة بعد شهور أو سنوات.
وأوضح أن هذه الآلية في التعامل ألقت بظلالها على قطاع العقارات تحديدا، فالبعض لا يبالي في شراء عقار أو أرض بضعف الثمن بدون دفعات مقدمة، ثم يضطر لبيعها بنصف السعر لتغطية جزء من التزاماته، وهذا تسبب في أسعار باهظة للعقارات في بعض المدن وركود في مدن أخرى.
وفق الإحصاء يوجد في الضفة الغربية أكثر من 23 ألف مسكن خال (الجزيرة) |
وتتفاوت أسعار العقارات بين المحافظات الفلسطينية، إذ يتراوح الحد الأدنى للمتر المربع الواحد بين 600 و1000 دولار.
وتشهد المناطق المحاذية للقدس بناء سكانيا كثيفا دون ضوابط أو متابعة لوقوعها إداريا ضمن بلدية القدس كما يصنفها الاحتلال.
ووفق تعداد 2017 للسكان والمساكن الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يسكن الضفة الغربية قرابة مليونين وتسعمئة ألف فلسطيني، ووفق المعطيات ذاتها يوجد في الضفة قرابة 441 ألف مبنى فيها نحو 792 ألف وحدة سكنية.
كثافة سكانية
وتبلغ الكثافة السكانية في الضفة الغربية 509 أفراد للكيلومتر مربع، لكن خضوع نحو 61% من أراضي الضفة لسيطرة الاحتلال (مصنفة “ج” وفق اتفاق أوسلو) يحول دون البناء فيها، وبالتالي الاضطرار للبناء العمودي لتلبية احتياجات الزيادة السكانية.
وسجلت سلطة النقد الفلسطينية تراجع القروض البنكية الموجهة للعقارات السكنية في فلسطين إلى 786 مليون دولار في الربع الثاني 2018 مقارنة بـ897 مليون دولار في الربع الأول للعام ذاته، وهو أدنى مستوى ربعي منذ 2016، وعزاه خبراء إلى توجه شركات العقار إلى التقسيط المباشر مع الزبون بواسطة الشيكات.
ووفق الإحصاء، يوجد في الضفة الغربية أكثر من 23 ألف مسكن خال، أي مكتمل البناء وغير مستخدم للسكن أو العمل ومعروض للبيع أو الإيجار، وتحتل محافظة رام الله والبيرة مكان الصدارة من حيث المساكن الخالية بواقع 5053 مسكنا.
خالد الفارس: تأثير مدمر على الاقتصاد الفلسطيني بسبب التقسيم السياسي للأراضي الفلسطينية (الجزيرة) |
تأثير مدمر
عضو اتحاد المطورين العقاريين بفلسطين خالد الفارس لا يتفق مع المعطيات السابقة، ويؤكد تقارب ما يتم بناؤه مع احتياجات السكان، مستشهدا بمدينة رام الله التي قال إنها تحتاج سنويا نحو 3333 وحدة سكنية، وهو رقم يتقارب مع عدد الوحدات المنتجة.
وأرجع التفاوت في أسعار العقارات بين المحافظات الفلسطينية إلى اعتبارات سياسية واقتصادية واجتماعية أساسها تفاوت أسعار الأراضي المستهدفة بالبناء.
وفي حين أشار الفارس -وهو الرئيس التنفيذي لمجموعة النبالي والفارس الاستثمارية- إلى تأثير مدمر على الاقتصاد الفلسطيني بسبب التقسيم السياسي للأراضي الفلسطينية (أ، ب، ج) رجح رجل الأعمال الفلسطيني أن يكون تأثير الأزمة المالية التي تعيشها السلطة الفلسطينية مؤقتا على قطاع العقارات.
وبشأن نسبة التوجه إلى البنوك مقارنة مع الشراء المباشر للعقارات، قال إن نحو 43% يتوجهون للبنوك و63% يشترون مساكنهم بشيكات مباشرة من الشركات.المصدر : الجزيرة
BY AL JAZEERA NEWS