شكلت المظاهرات الشعبية بالجزائر محطة إلهام لمطربين جزائريين أطلقوا أغنيات تدعم الحراك ضد الرئيس عبد العزيز بو تفليقة. وتعيش البلاد احتجاجات منذ 22 فبراير/شباط الماضي -وصفت بأنها الأكبر في تاريخ البلاد- للمطالبة بمغادرة بو تفليقة الحكم مع نهاية ولايته الرابعة ورحيل كل رموز نظامه.
وتفاعل مجموعة من الفنانين المقيمين داخل وخارج البلاد مع الحراك الشعبي بإصدار أغان تعبر عن مطالبه وتشيد بالمظاهرات وسلميتها، وهي الأغاني التي لقيت رواجا كبيرا.
الحرية
وفي 14 من الشهر الجاري، أطلق مغني الراب الجزائري المقيم في فرنسا سولكنيغ واسمه الحقيقي عبد الرؤوف دراجي، عبر قناته الرسمية على يوتيوب، أغنية مصورة بعنوان “الحرية”.
وحققت الأغنية التي شارك فيها فرقة أولاد البهجة الموسيقية خلال 16 يوما نحو 36 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب. وتفاعل الجزائريون معها بقوة واتخذوها شعارا في المظاهرات.
وتقول بعض مقاطعها “الحرية، الحرية، الحرية هي في القلوب قبل كل شيء، الحرية لا تخيفنا، ونعتذر إن وجدنا، يظهر أنّ السلطة تشترى وما يبقى لنا سوى الحرية، إذا تكرر السيناريو فسنكون على موعد مع العرس، ارحلوا من فضلكم، أقولها لكم بلطف”.
يوم الشعب
وأول الشهر الحالي أصدر مجموعة من الفنانين (لم يذكروا أسماءهم) بالعربية والفرنسية والأمازيغية أغنية “يوم الشعب” يدعمون فيها الحراك الشعبي ويرفضون استمرار بو تفليقة.
وتقول الأغنية -التي حصدت ملايين المشاهدات- في بعض كلماتها “أمي أولادك متحضرين طالبين ديمقراطية، خذي الورد والياسمين في مسيرة سلمية” وتضيف “الشعب يقول حرروا الجزائر والنظام لم يفهمه، عشرون سنة وما شبعتوش (لم تشبعوا) يوم الشعب، حرروا الجزائر”.
صوت النساء
وعبرت المطربة الجزائرية المقيمة بالتشيك رجاء مزيان عن رفضها ترشح بو تفليقة لولاية خامسة، وترجمت ذلك في أغنية عنوانها “ألو.. سيستم” (ألو النظام)، في 5 مارس/آذار الجاري. وحصدت الغنية منذ إطلاقها أكثر من 15 مليون مشاهدة.
وتحتوي الأغنية على عبارات ترفض الولاية الخامسة منها “أردناها شعبية وليست ملكية ألو.. أيّها النظام هل تسمعني أم أنك أغلقت أذنك”.
وتقول ميزان في الأغنية “خرجنا للشارع لنقول كفى وأنتم خائفون، تحبون الفوضى، انهزمتم وربحنا هذه المرة، لقد حلفتم أن تتركوا البلد في محنة سوداء ثم تفرّون”.
وعقب يوم واحد من المظاهرات الحاشدة التي شهدتها جمعة الـ 8 مارس/آذار تزامنا يوم المرأة أطلقت المغنية الجزائرية أمال زان أغنية بعنوان “حرّة” تكريما للمرأة الجزائرية التي سجلت حضورها بقوة في الحراك. وحصدت الأغنية حتى الآن 145 ألف مشاهدة.
قولولو كرهنا
وطرح المغنيان إبراهيم حدرباش وحسين بلحاج السبت الماضي أغنية مصورة تحت عنوان “قولولو” (قولوا له) دعما للحراك الشعبي وإشادة بسلوكيات الجزائريين في المظاهرات.
وقال حدرباش للأناضول إن الأغنية ثنائية مع بلحاج، وحصدت 278 ألف مشاهدة منذ إطلاقها السبت الماضي، ولا تزال المشاهدات مستمرة.
وأضاف إن الفكرة تعود لزميله الذي أراد أن يبرهن على حبه للوطن ودعمه للشعب عبر هذه الأغنية، وتابع أنها “تعبر عن الاعتزاز بالوطن، وفي الوقت نفسه استياء الشعب من السلطة والواقع المعيشي”.
وأشار إلى أن رسالة العمل تدعو إلى نبذ التفرقة والعنصرية وتدعو لوحدة الشعب وتشيد بالحراك السلمي الذي قام به.
وتقول في بعض مقاطعها “قولولو الحال ما خرجش علينا (أخبروه أنّ الوضع لم يعد يناسبنا) رانا كرهنا ومليّنا (كرهنا ومللنا)، جدّي مات عليها (جدّي توفي من أجل البلاد) ما نسمح فيها والجهوية نمحيها (لا أسمح في بلدي وأمحو الجهوية والعنصرية) جمهورية حضارية نخلي العالم يحكي عليّا (جمهورية حضارية وأترك العالم يتحدث عليّ)”.
وبعد بدء الحراك بالـ 22 فبراير/شباط الماضي، انتعشت أغاني الحراك حيث نشر بالـ 10 مارس/آذار الجاري مغني الراب الجزائري المقيم في فرنسا لطفي دوبل كانون (المدفع المزدوج) واسمه الحقيقي لطفي بلعمري على قناته بيوتيوب أغنية “ضد العهدة الخامسة” وحصدت منذ إطلاقها نحو ثلاثة ملايين وثلاثمئة ألف مشاهدة.
جوهر واحد
وتقول الإعلامية الجزائرية المختصة بالشأن الفني دليلة مالك إنّ الأغنية الناقدة للنظام اقترنت بالمغني الأمازيغي معطوب الوناس (1956-1998) الذي أفنى حياته في سبيل قول كلمة الحق ونقل صوت الشعب ومعاناته.
وأضافت في حديث للأناضول “وقتها لم تكن حرية التعبير متاحة على منابر مواقع التواصل الاجتماعي مثلما هي عليه اليوم.. الأغاني التي أطلقها مؤخرا فنانون أضحت نشيدا للجزائريين يعبّرون من خلالها عن وضعهم ومطالبهم السياسية”.
ولفتت إلى أنّ هذه الأغاني مثل “الحرية، يوم الشعب” وغيرها تحمل في طياتها رسالة عن تحضر الشعبي الجزائري وسلميته التي تجلت في المظاهرات الحاشدة.
يشار إلى أنّ هؤلاء الفنانين سواء داخل البلاد أو في الخارج خرجوا إلى الشارع وشاركوا في المظاهرات الشعبية الرافضة لاستمرار حكم بو تفليقة.
وفي الـ 11 مارس/آذار الحالي أعلن بو تفليقة (82 عاما) سحب ترشحه لولاية رئاسية خامسة وتأجيل انتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 18 أبريل/نيسان المقبل.
والثلاثاء الماضي دعا قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح إلى تطبيق مادة دستورية تنص على شغور منصب رئيس البلاد كحل توافقي يحفظ سيادة الدولة ويستجيب لمطالب الشعب.
وبينما اعتبرتها أغلب قوى المعارضة خطوة غير كافية لتلبية المطالب أعلنت أحزاب من الموالاة دعمها، في وقت يلتزم حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم الذي يرأسه بو تفليقة الصمت إزاء الدعوة، في وقت ينتظر أن تشهد الجزائر اليوم الجمعة مظاهرات حاشدة جديدة في الجمعة السادسة للحراك.المصدر : وكالة الأناضول,مواقع التواصل الاجتماعي
BY AL JAZEERA NEWS