فايننشال تايمز: طفرة دبي وصلت نهايتها

قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن الطفرة المعمارية التي كانت وراء ازدهار إمارة دبي ربما وصلت نهايتها، وتساءلت عما إذا كان اقتصاد زادته التقلبات في سوق العقار سوءا قادرا على إصلاح نفسه.

وساق الكاتب سيميون كير في مقاله بالصحيفة مثالا على تهاوي أسطورة دبي ببرج خور دبي (مشروع لإنشاء أطول برج في العالم أعلنت عنه الإمارة عام 2016)، الذي وصفه بأنه مشروع نموذجي طالما أسدى خدمة جيدة لحكام الإمارة طيلة العقود الأربعة الماضية.

وقال إن عشرات الرافعات ما تزال مشرئبة في سماء دبي، إلا أن العديد منها عاطلة عن العمل بسبب الانكماش الاقتصادي الثاني في ظرف عشر سنوات، مضيفا أن أعمال بناء برج خور دبي بدأت قبل أكثر من عامين، لكنها لم تتجاوز مرحلة تشييد الأساسات، ولم يحدد موعد لاكتمال العمل في المشروع.

ومنذ عام 2014، انخفضت أسعار العقارات بما لا يقل عن 25%، واضطر الأمر مطوري العقارات إلى تقليص عملياتهم وتأجيل سداد الدفعات للموردين.

وتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.9% العام الماضي، وهو أبطأ معدل نمو منذ عام 2010.

أزمة تتفاقم
وتنقل فايننشال تايمز عن مدير تنفيذي لإحدى الشركات –لم تسمه- قوله إن الأعمال برمتها بحاجة إلى إعادة ضبط جذرية، معربا عن اعتقاده أن الأزمة التي تعاني منها الشركات والمؤسسات في دبي ستتفاقم هذا العام؛ “فالتكاليف مرتفعة للغاية بحيث يصعب الحفاظ على هذه المستويات من النشاط”.

والحالة هكذا، لجأ حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى الاستشاريين في مسعى منه لانتشال إمارته من وهدتها، فعقد سلسلة من الاجتماعات مع مديري الأعمال لبحث السبل الكفيلة بتعزيز الاقتصاد، مثل خفض الرسوم وخصخصة الكيانات في دبي، من أجل إنعاش أسواق المال، وفق التقرير.

وفي الوقت الذي بدأت فيه سياسة تقليص الوظائف تطول كبار الموظفين، عمدت دبي على ما يبدو إلى تبني خطة تهدف إلى زيادة أعداد الأثرياء الأجانب بمنح الوافدين إحساسا بالانتماء من خلال تشجيع الاستثمار طويل الأجل، بحسب الصحيفة البريطانية.

يذكر أن الوافدين يشكلون 92% من السكان، البالغ تعدادهم 3.2 ملايين نسمة، لكنهم لا يتمتعون بحق الإقامة إذا فقدوا وظائفهم.

وسنت الدولة قانونا جديدا يسمح للأجانب بملكية كاملة للشركات خارج المناطق التجارية القائمة، كإجراء آخر يهدف إلى تحسين المناخ التجاري وتقليل التكلفة، لكن المسؤولين في دبي ينوهون إلى أن هذه الإجراءات “ستستغرق بعض الوقت” ليبدأ تنفيذها.

تشكيك في رغبة الحكومة
غير أن بعض العاملين في قطاع الأعمال يشككون في رغبة الحكومة للاستماع إليهم. ويقول أحدهم “الأمر يبدو كأننا نتحدث لغة مختلفة؛ نحن نتحدث عن استثمار طويل الأجل ونمو، وهم لا يستطيعون النظر أبعد من المخاطر الأمنية”.

ونوهت الصحيفة إلى أن دبي كانت طالتها الأزمة المالية العالمية قبل عقد من الزمن، قبل أن تهب أبو ظبي –أغنى إمارات الدولة- لنجدتها بمنحها قرضا بمبلغ عشرين مليار دولار.

لكن خطة الإنقاذ تلك فضحت اعتماد دبي الكبير على القروض –ففي عام 2009 تكبدت ديونا بقيمة 109 مليارات دولار، أي ما يعادل 130%من إجمالي الناتج المحلي- إلى جانب طبيعة النظام الغامضة، حيث الفواصل بين الحكومة والكيانات التابعة للإمارات غير محددة المعالم على نحو كبير، وفق الصحيفة.

وفي غضون عام واحد، تعرضت منطقة الخليج إلى ركود مدمر جراء انهيار أسعار النفط. وكان أن أجبرت سياسة أبو ظبي الخارجية إمارة دبي -لأول مرة- على تفضيل السياسة على التجارة.

خسائر كبيرة
وبحسب الصحيفة البريطانية، دفع قرار الإمارات الانضمام إلى حملة السعودية لحصار الدوحة الغنية بالغاز، القطريين إلى تصفية موجوداتهم في تلك الدولة، كما أدى التنفيذ الصارم من جانب الإمارات للعقوبات الأميركية على إيران إلى ضرب تجارة الشحن البحري بميناء جبل علي بدبي.

وتمضي الصحيفة بالقول إن الإمارات تكبدت خسائر تُقدر بمليارات الدولارات بسبب تورطها في حرب اليمن، مما “لطخ” سمعتها.

وتخشى الشركات التجارية من أن يؤدي هذان العاملان إلى “تسميم” المناخ، وإحداث خطر أكبر من الانهيار المالي في عام 2008، بحسب تقرير فايننشال تايمز.

واستشهد المقال في ذلك بما يحدث في أسواق دبي والإمارات من تراجع مبيعات السلع من الملابس إلى السيارات إلى نسبة وصلت إلى 50% منذ دخول الاقتصاد في حالة تباطؤ، مما جعل تجار التجزئة يجأرون بالشكوى.

واضطرت الفنادق إلى تقليص أسعار الغرف مع بطء النمو في قطاع السياحة، كما بدأت بعض المطاعم غلق أبوابها بسبب مغادرة وافدين أثرياء البلاد ليحل محلهم أجانب أقل خبرة وتمرسا يتقاضون أجورا أقل ويدخرون أكثر نظرا لافتقارهم للأمن الوظيفي.

ويرى كاتب المقال أن هجرة الوافدين أصحاب “الياقات البيضاء” يضاعف متاعب القطاع الخاص في الإمارات، لا سيما مع تراجع معدلات التوظيف منذ عام 2010.

وختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن غياب القطريين القادرين ماليا، بسبب الحصار الذي تفرضه أربع دول عربية بينها الإمارات، فاقم محنة الجانب الفاخر من قطاع السياحة في دبي والإمارات.المصدر : فايننشال تايمز

BY AL JAZEERA NEWS