تباينت مواقف فرنسا وبريطانيا يوم الاثنين حول الطرف الذي يتحمل المسؤولية عن الهجوم على منشأتي نفط في السعودية الأمر الذي قد يعقد المساعي الرامية لتهدئة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس يوم 19 سبتمبر أيلول 2019. تصوير: فيليب ووجازيه – رويترز
كانت فرنسا قادت مسعى أوروبيا لمحاولة نزع فتيل التوتر بين واشنطن وطهران كما أنها ترى في التجمع السنوي لقادة العالم الذي يبدأ يوم الاثنين فرصة لإحياء الدبلوماسية.
لكن هذه المساعي تعثرت وقلصت إيران التزاماتها بموجب الاتفاق النووي المبرم في 2015 مع القوى العالمية والذي انسحبت منه واشنطن العام الماضي. كما ترفض الولايات المتحدة تخفيف العقوبات التي أدت إلى انخفاض شديد في صادرات النفط عماد الاقتصاد الإيراني.
وتعقدت الأمور أيضا بهجوم على منشأتي نفط في السعودية وحملت الولايات المتحدة إيران مسؤوليته. وتضاءلت الآمال التي ثارت في نهاية أغسطس آب بعقد لقاء يجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الإيراني حسن روحاني.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للصحفيين في نيويورك ”لم نتلق حتى الآن أي طلبات هذه المرة لعقد اجتماع وأوضحنا أن مجرد تقديم طلب لن يفي بالغرض“. وأضاف ”يجب أن يكون هناك سبب للمفاوضات، يجب أن يكون لها نتيجة، وليس مجرد المصافحة“.
وذكر ظريف أن هناك شروطا مسبقة لعقد اجتماع، كانت إيران قد طالبت الولايات المتحدة برفع كل العقوبات، وبعدها يمكن عقد اجتماع بين إيران والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين وهي الأطراف الأصلية في الاتفاق النووي. وأضاف أنه لن يكون هناك اجتماع ثنائي.
ورد الرئيس الأمريكي، على سؤال لدى وصوله إلى نيويورك يوم الاثنين عن احتمال الاجتماع مع نظيره الإيراني قائلا ”سنرى ما سيحدث“.
وبدا في تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وهو في طريقه إلى نيويورك أنه خرج عن الصف الأوروبي يوم الاثنين إذ وجه الاتهام مباشرة إلى إيران في الهجمات على السعودية.
وقال جونسون للصحفيين المرافقين له على الطائرة في طريقها إلى نيويورك ”بدرجة عالية من الترجيح، تنسب المملكة المتحدة المسؤولية عن هجمات أرامكو إلى إيران. نعتقد أن من المرجح جدا حقا أن تكون إيران مسؤولة فعلا.
”سنعمل مع أصدقائنا الأمريكيين وأصدقائنا الأوروبيين لوضع رد يحاول وقف تصعيد التوترات في منطقة الخليج“.
وتناقضت هذه التصريحات مع تصريحات المسؤولين الفرنسيين الذين حرصوا بشدة على عدم توجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى طهران خشية أن يؤدي ذلك لتصعيد التوترات.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لصحيفة لوموند وهو في طريقه إلى نيويورك إن من الضروري توخي الحذر الشديد في توجيه الاتهام، مضيفا أنه لا يريد الخوض فيما قد يزيد التوترات.
ووجهت الولايات المتحدة والسعودية الاتهام إلى إيران في الهجمات التي وقعت في 14 سبتمبر أيلول وأدت في البداية إلى توقف نصف إنتاج النفط السعودي. وأعلنت حركة الحوثي المتحالفة مع إيران مسؤوليتها عن الهجمات.
وقال وزير الخارجية الفرنسي يوم الأحد إنه رغم افتقار ما أعلنه الحوثيون للمصداقية فمن الضروري إجراء تحقيق تفصيلي موثق قبل صياغة الرد.
كانت القوى الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا قد ظلت متحدة رغم ضغوط من واشنطن وركزت على إعادة إيران للالتزام الكامل بالاتفاق النووي مقابل تخفيف القيود الاقتصادية وإجراء مفاوضات جديدة.
ويعقد ماكرون وجونسون وأنجيلا ميركل اجتماعا ثلاثيا في وقت لاحق يوم الاثنين لتنسيق استراتيجيتهم تجاه إيران قبل عقد لقاءات محتملة مع ترامب وروحاني.
وقال مسؤول خليجي رفيع المستوى طلب عدم نشر اسمه إنه ينبغي أن تشترك دول الخليج والولايات المتحدة والأوروبيون ودول أخرى في ”دبلوماسية جماعية“ لنزع فتيل التوتر.
وأضاف ”ينبغي ألا يقتصر الحديث بعد الآن على الاتفاق النووي وإنما أيضا برنامج إيران الصاروخي وسلوكها في المنطقة، وهي أمور على نفس القدر من الأهمية إن لم تكن أكثر اهمية“.
وكان ماكرون قد علق مساعيه على تقديم تسهيل ائتماني لإيران قيمته 15 مليار دولار لتمكينها من بيع نفطها في مقابل عودتها للاتفاق وفتح باب التفاوض على قضايا أوسع تتعلق بأنشطتها النووية مستقبلا وبرنامجها الصاروخي ونفوذها الإقليمي.
وتوقفت تلك الخطة على تخفيف الولايات المتحدة بعض العقوبات وهو ما لم يحدث كما أن الهجمات على السعودية دفعت واشنطن لفرض مزيد من القيود الأمر الذي زاد من تعقيد مساعي ماكرون الدبلوماسية.
إعداد مصطفى صالح للنشرة العربية – تحرير محمد اليماني